تسجيل الدخول

محاربة الأوبئة والطاعون في التاريخ الإسلامي

4/15/2020

 

Share
/Ar/News/PublishingImages/محاربة الأوبة والطاعون في التاريخ الإسلامية.png

/Ar/News/PublishingImages/محاربة الأوبة والطاعون في التاريخ الإسلامية.png
قال أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة البترا، الدكتور مهران الزعبي، إن الدولة العربية الإسلامية تعرضت لعدد من الطواعين والأوبئة التي فتكت بالناس، وكانت تتباين في الآثار التي تخلفها. وكان أول طاعون في الحضارة العربية الإسلامية هو طاعون "عمواس" الذي حدث سنة 18هـ، وقتل حوالي 25 ألف شخص، من بينهم عددا من الصحابة وهم أبي عبيدة عامر بن الجراح، ومعاذ بن جبل.
وأشار الزعبي خلال استضافته على راديو هلا إلى أن الناس كانت تطلق أسماء على الطاعون بحسب تأثيره، مثل الطاعون "الجارف" سنة 69 هـ الذي سمي بذلك لكثرة عدد الأشخاص الذين ماتوا بسببه، وطاعون "الفتيات" لكثرة الفتيات التي ماتت بسببه، وطاعون "قتيبة بن مسلم" القائد المشهور، كونه أول شخص مات به وهكذا.
وبين الزعبي أن الطاعون هو أحد أشكال الأوبئة، ولكن اعتاد الناس قديمًا أن يطلقوا اسم طاعون على أي وباء يكون له تأثير الطاعون، مضيفًا "ظهرت بعض الأوبئة في الحضارة العربية الإسلامية لكن دون إعطاء مسميات لهذه الأوبئة، وإنما اكتفت المصادر بوصف بعض الأعراض؛ مثل السعال الشديد، والحمى، والبثور الجلدية، وشحوب لون الإنسان إلى اللون الأصفر، وقد ذكر المسلمون وباء الجدري حيث أشارت المصادر إلى وفاة أكثر من أربعة آلاف صبي به".
وقال الزعبي إن معظم الأوبئة تأتي في فصل الربيع، وترتفع في الصيف. وأن أقدم وباء سجل في التاريخ كان الطاعون سنة 430 قبل الميلاد في الحضارة اليونانية، وأطلق عليه اسم "الموت الأسود" في أوروبا خلال السنوات1347-1352م، حيث قضى على ثلث سكان أوروبا.
وعبر التاريخ تمثلت الإجراءات التي تتخذ في حال انتشار وباء معين بالحجر الطوعي للأشخاص، والعزل للمصابين، والذهاب إلى الصحراء للحصول على الهواء النقي. كما تم ابتكار بعض العلاجات التي من شأنها تخفيف وطأة الوباء؛ مثل الطين الأرمني، وتبخير البيوت بالعنبر والكافور والصندل، وهو ما يشبه التعقيم في عصرنا الحالي.
ووصف الأطباء في تلك العصور بعض الأطعمة للمصابين مثل خل التفاح، وخل الليمون، والسماق وغيرها، بالإضافة إلى إجراء بعض العمليات البسيطة؛ مثل "الفصد" وهو ما يشبه الحجامة لاستخراج الدم الفاسد.
وكانت أسباب الأمراض والأوبئة في تلك الأزمنة تعود إلى فساد الهواء، وانتشار الجثث والجيف، وعدم تحلل النفايات. بالإضافة إلى التبول والتغوط والتفل في الطرق العامة، وانتشار الحيوانات التي استخدمت كوسائل نقل.
وبين الزعبي أن الأوبئة ساهمت في تغيير الخريطة الديموغرافية "السكانية" للمنطقة، لاسيما في المناطق التي انتشر فيها الوباء، أما تأثير الأوبئة على الاقتصاد فحدث أن فقد العراق ما يعادل 60% من دخله السنوي في فترة الطاعون الجارف. وأضاف الزعبي إلى أن الأوبئة تسببت في تغيير على مستوى القيم والعادات قبل الوباء وبعده، بالإضافة إلى تطور في أخذ الاحتياطات الصحية اللازمة والتدابير الاضافية التي من شأنها تجنب العدوى.
وأشار الزعبي إلى أنه في عهد المماليك كان يحدث وباء كل 17 سنة، وكان المرض يصيب الإنسان والحيوان لاسيما الإبل والبقر. وفي نهاية الخلافة الأموية كان قد وقع 20 طاعونًا، ستة منها كانت جارفة.
وأشار الزعبي إلى مقولة عمرو بن العاص خلال فترة انتشار الوباء، حيث قال "الوباء كالنار، وأنتم وقودها، تفرقوا حتى لا تجد النار ما يشعلها فتنطفئ". وفي الحضارة العربية الإسلامية، يذكر انتشار أوبئة أخرى أيضا كانت أقل فتكاً من الطاعون؛ مثل الحمى القلاعية، والجرب، والجدري، والجذام، والهواء الأصفر وغيرها.